العقارات شيء جميل ، عمارات شاهقة نظيفة تفوح منها رائحة العطر طول الوقت ، تلم شمل العوائل الصغيرة و الكبيرة تحت سقف واحد لـتتنامى بينهم المودة و الرحمة ، و توفر لهم السكن و الدفء و الأمان ، تحفظهم من أعين الناس و تحفظ أسرارهم ، كذب من قال أن الحيطان لها آذان ، بل هي تصون العهد و تحفظ السر كما لا يفعل الكثير من البشر. العقارات عبارة عن نوافذ جميلة مطلة على مناظر خلابة ، و كأنها تسافر بك من مكان إلى مكان عبر تلك الإطلالات.
هي بدون شك تحتاج إلى صيانة و تعاهد كما تحتاج أجساد البشر للتقليم و التنظيف و العلاج أحياناً إذا لزم الأمر ، لكنها تبقى لعقود من الزمن و تتربى فيها أجيال بعد أجيال. كما أنها إما توفر عليك ما تدفعه من إيجار فيذهب جل دخلك لما يسعدك ، أو هي تكون سفيراً لك تعمل عنك كل يوم بجهد لتجلب لك الرزق الحلال.
إن العمل في مجال العقارات يتطلب معرفة و خبرة عميقة مثل أي عمل كان. لذلك يتطلب الأمر دراسة جادة للقوانين ثم متابعة وكيل عقارات لفترة من الزمن و إكتساب الخبرة على مر الزمان. و كلما إكتسبت الخبرة في هذا المجال فأنت تكتسب خبرة في أم و عين التجارة ، مهما كان المجال الذي تريد أن تعمل به فإن معرفتك بسوق العقار و عملك فيه سواء لوحده أو بجانب أي عمل آخر لابد أنه الخلطة الصحيحة للنجاح. كما أنه علم و تجارة تورّث ، و كل ما تتعلمه يمكنك أن تنقله لأبنائك شيئاً فشيئاً وهم يكبرون ، لكي تكون لديهم صنعة جيدة يجيدونها إضافة إلى صنعتهم و إرث باقي يقوّي عودهم و يسندهم في حياتهم بإذن الله. و كما أن لكل تاجر أو صانع شيء من صنعته ، فإن أراد الله أن يصيبنا منها بنفحات فهي خير النفحات ، و هي كذلك أصل الصدقة الجارية ، فأي شيء تتركه كوقف لأي من المنظمات الخيرية فإنه خير يربو في عضد الناس و الأمة و يستمر يثمر إلى ما شاء الله.
المجمعات السكنية و العمارات لطالما حملت بين جدرانها الذكريات الجميلة للناس و بالأخص الأطفال و هم يلعبون في أحواض السباحة أو مرافق الدار. و لطالما قلقت النوافذ مع الأمهات على أبنائهم عندما يتأخرون أو حنت الأرضيات المفروشة بالموكيت السميك على طفل و هو يتعلم المشي و يسقط بين الحين والآخر. و تزينت النوافذ و الأبواب مع الناس في الأعياد و لبست كل جديد. و عملت أجهزة التدفئة بجد شديد و الجميع يقفون خلف النوافذ ليشاهدوا الثلج أو المطر وهو يتساقط في الشتاء. و كم من باب زغرد للعروسين وهم يكادان يطيران من الفرح عندما يغلق هذا الباب لأول مرة عليهما لوحدهما داخل عش حياتهم الزوجية الجديدة.
ثم يأتي الديكور و الأثاث و لكل واحد منهم قصة ، فهؤلاء هم زينة المكان و أدواته. منها السرير الذي يخلد إليه الجميع للنوم و الراحة أو سرير الطفل الذي يحتضنه بعد أن أتى لهذه الدنيا غريباً تلو مكوثه تسع أشهر داخل وعاء من لحم. كما أن العقارات هي أحد أهم ركائز الجنة، فمن بنى في الحياة مسجداً ، بنى الله له بيتاً في الجنة ، و إنك لتكسب النخيل و الثمر و البساتين كلما سبّحت ، كما يصف الله البيوت بأنها مبنية من لبنات ذهب و فضة أو خيام في لآليء عظيمة مجوفة لأصحاب اليمين. فالعقارات تبقى كذلك خير متاع الحياة الأخرى مثلما هي خير متاع الدنيا فليبارك الله لنا فيها في الدارين.
إن العقارات هي الحياة ، و عالم و فرح و علم و مال و ثروة و عز و جاه و أمان و عزوة و حماية و كل ما يمكن أن تجمعه من الكلمات الإيجابية الجميلة.